Colloquial and popular Arabic poetry, بين الشعر العاميّ والشعر الشعبيّ والزّجل
Growing up in Southern Lebanon in an area rich with history and tradition, I have come to memorize a host of songs, poetry, and common rhymes. But popular poetry that is similar to rap in English was always my favorite to recite and repeat, especially the one that my friend and other boys in the neighborhood recited.
However, I never distinguished or took the time to learn the difference between colloquial and popular Arabic poetry until my friend Dr. Ahmad Nazzal sent him his article on the subject. It is very intriguing and full of valuable information. We thank Dr. Nazzal for his in-depth research and accurate portrayal of the subject.
بين الشعر العاميّ والشعر الشعبيّ والزّجل:
لقد خلط الكثير من الباحثين بين الشعر العاميّ والشعر الشعبيّ، واعتبر بعضُهم أنّهما مفهومٌ واحدٌ، والحقيقة هي أنّ هناك فرقًا بينهما على نحو ما سنتبيّن في كلامنا الآتي:
بدايةً، نشير إلى أن الشعر العامي العربي هو الشعر الذي غلبت عليه اللهجات المحلية التي لم تطبق فيها قواعد الإعراب الخاصة باللغة العربية الفصحى، وظهر ذلك مع الأندلسيين الذين كانوا السباقين إلى الزجل قرضًا وتصنيفًا، وحسبنا أن نشير إلى شاعرهم الكبير ابن قزمان.
ومن الثابت أن الشعر الشعبي اللبناني تطور بفعل تأثير الألحان السريانية والصلوات السريانية، وخاصة الميامر منها، ولذلك نجد أن أول ناظمي هذا اللون من الشعر كانوا من رجال الدين الموارنة([1]).
وأول هؤلاء هو سليمان الأشلوحي (1270- 1335م)([2])، ثم تلاه المطران جبرايل بن القلاعي اللحفدي، الذي عاش في القرن الخامس عشر الميلادي، وقال أزجاله في مواضيع أكثرها دينية.
الشعر العاميّ هو الشعر الذي يُقال كلُّه بلغة عاميّة، أي أنّ اللغة العاميّة التي يُكتب بها هذا النوع من الشعر هي الشرط الأساسي له، وهو نتيجة طبيعية لهذه اللغة، ولكنّه قد لا يحقق صفة الشعبيّة، حين تغلب عليه البساطة والسطحيّة، وحين لا يعبِّر عن هواجس الشعب وموضوعاته…
أما الشعر الشعبيّ فهو الشعر الذي تجتمع فيه عدة خصائص، منها:
1- الانتشار أو التداول الشفهي: أي التداول بين الناس، والانتشار بين فئات الشعب، وهذا لا يعني أن هذا الشعر بعيدٌ من التدوين، إذ إنّ كثيرًا من هذا الشعر مدون ومطبوع، وهذا لا يمنعه من أن يكون شعرًا شعبيًّا.
2- صفة الشعبية: وهي أن الشاعر الحق عليه أن يسعى إلى التعبير عن روح الشعب وقضاياه واهتماماته بالدرجة الأولى، ناطقًا بأحاسيسه ومشاعره… وبقدر ما يكون الأديب قادرًا على هذا التعبير، تتحقق هذه الصفة.
3- ملكيّة الشعب: ومعنى هذه الخاصة أن يصبح الشعر ملكًا للمجتمع، ويغدو معلمًا أدبيًّا دالاً عليه، بحيث يشعر أبناء الشعب أنهم يجدون فيه أنفسهم التي نجح الشاعر في التعبير عنها.
4- اللغة: ليس من شروط الشعر الشعبي أن تكون اللغة العامية وسيلته الوحيدة، فهناك الكثير من الأشعار المدرسية المكتوبة باللغة الفصحى أصبحت شعبية نتيجة التداول والانتشار التي تحققهما، يقول الكاتب المصري محمود ذهني: “فالأدب الشعبي لا يتميز بالفصحى أو العامية، ولا يقال إنه يلتزم بواحدة منهما، وإنما الأولى أن يقال إن له لغة خاصة به، تحمل من سماته وصفاته ما يجعلها تضم الفصحى والعامية، أو تسمو عليهما حين تأخذ بساطة العامية وانتشار الفصحى وتصبح قادرة على التوصيل والإبلاغ لكل فرد من أفراد الأمة، بقدر ما هي قادرة على التصوير والإبداع والتأثير في كل فرد من أفراد الأمة”([3]).
وهذا ما دفع الدكتور إميل يعقوب إلى إدراج النشيد الوطني اللبناني في كتابه: “الأغاني الشعبية اللبنانية”، مشيرًا إلى أن هذا النشيد ليس من الأغاني الشعبية اللبنانية، متمنيًّا أن يصبح هذا النشيد “أغنية أغانينا ونشيد أناشيدنا”([4]).
5- شعريّة اللغة: أي الارتفاع عن اللّغة التواصليّة العاديّة إلى لغةٍ شعريّةٍ أدبيّةٍ مشحونةٍ بالصور والأحاسيس والرموز التي تحقّق لدى المتلقي الإيحاء والتأثّر بالمعاني التي يضمّنها الشاعر قصيدته، إضافةً إلى عوامل الوزن والقافية والإيقاع([5])…
والشعر الشعبي، سواء اعتمد اللغة العامية أم الفصحى، هو الشعر الذي ينقلنا إلى حس الجماعة، ولا يترك مجالاً للإحساس الفردي، مع أنه تجربة فرديّة تمامًا، وله لغته التي تغوص في التاريخ والعادات والمشاعر الجمعية والأحاسيس التي تنطق وجدان الشعب.
أما كلمة زجل فتعني – لغةً- رفع الصوت والتطريب([6])، وهو – اصطلاحًا- اسم أطلقه الأندلسيون على شعرهم العامي الذي شاع واشتهر في القرن الثاني عشر الميلادي، خاصة على يد ابن قزمان، وانتشر بعد ذلك في بلاد المغرب العربي القريبة من بلاد الأندلس، ثم في بلادنا: العراق ولبنان وسوريا وفلسطين… وكان يُعرف قبل ذلك في سوريا ولبنان، بـ “القول” أو”المعنّى”، والشاعر بـ”القوّال”. وكان يُعرف في فلسطين، بـ “الحدا” والشاعر بـ”الحادي”، وخاصة في الجليل والكرمل.
ولا يفصل مارون عبود بين المصطلحين: الشعر العامي والزجل، يقول: “إن هذا الزجل أو الشعر العامي سمِّه كما تريد”، فهو يعتبر أن الزجل سريانيُّ اللحن في أول عهده، عربيُّه فيما بعد”، مستندًا إلى أن القرادي هو وليد أحد ميامر مار أفرام، الموجود في صلاة ستار الأحد.
أما شعر المحكية اللبنانية فهو نوع من الشعر المكتوب باللغة العامية، لا ينطوي تحت أي نوع من أنواع الشعر العامي، وإنما يتخذ تفعيلة محدّدة نظامًا تسير عليه القصيدة، ويقابله في الشعر الفصيح شعر التفعيلة الذي انتشر في النصف الثاني من القرن العشرين.
[1]– مارون عبود: الشعر العامي، بيروت، دار الثقافة ودار مارون عبود، ط1، 1968م، ص104 و105.
[2]– أنطوان عكاري: الأشعار الشعبية اللبنانية، طرابلس، غروس برس، لا.ط، 2005م، ص6.
[3]– محمود ذهني: الأدب الشعبي العربي، مفهومه ومضمونه، مطبوعات جامعة القاهرة، 1972م، ص54.
[4]– إميل يعقوب: الأغاني الشعبية اللبنانية- دراسة وبعض نماذجها الحلوة، طرابلس، جروس برس، ط2، 1987م، ص27.
[5]– راجع: أحمد قنشوبة: البناء الفني في القصيدة الشعبية الجزائرية، لا.ط، 2008، ص23-25.
[6]– ابن منظور: لسان العرب، بيروت، دار صادر، مج7، ط4، 2007، ص17.